لمحة تاريخية

كانت العقارات في لبنان تخضع للقانون العثماني الذي نظم طريقة تسجيل الحقوق عليها بما يعرف "بالدفترخانه" وبموجبها كان يتم قيد الحقوق وحقوق الارتفاق والانتفاع والتحريرات والفراغ والانتقال والاتفاقات على العقارات بموجب قيد بسيط يذكر فيه مركزها واسم المحله او القرية دون ادنى وصف طوبوغرافي او مساحة واضحة ودقيقة. كما ان تسجيلات الدفترخانة والسندات المعطاة على اساسها لاصحاب الشان لم تكن موضوعة على اساس قانوني واضح ولم تبين الملاكين المتاخمين وموافقاتهم ولا تلحظ خطة للاعلان عن الحقوق العقارية. لذا كانت المؤسسات المالية المصرفية لا تطمئن لهذه القيود والحقوق والمعاملات. ثم اصبح فيما بعد يتم تسجيل الحقوق والمعاملات في المحاكم المدنية ويوثق قيدها في سجلات خاصة للعمل بها بين الافرقاء.
ثم كانت القرارات 186،189،188 المؤرخة في 15/3/1926 والمرسوم الاشتراعي رقم 12 تاريخ 28/2/1930 ثمرة درس طويل ومعمق ونتيجة خبرة واسعة وتجربة متمادية لتحقيق وحدة الوضع القانوني للعقارات والمعاملات.
 فقد رعى القرار 186 اعمال تحديد وتحرير العقارات وانشأ لها اللجان المختصة للقيام باعمال المسح والاشراف القضائي قبل قيدها في سجل الملكية.
وقد انشأ القراران 189،188 السجل العقاري وكيفية افتتاحه ومسكه وقيد الحقوق فيه وعلانيتها واستفادة الجمهور منها.
ورعى المرسوم الاشتراعي رقم 12 تاريخ 28/2/1930 تنظيم مكاتب الطابو ومكاتب التسجيل وقضى ان يتم قيد العقود والاتفاقات المتعلقة بعقارات موجودة في غير المناطق الخاضعة لنظام السجل العقاري المنشأ في سجلات مكتب الطابو وان يتم التسجيل وفقا لنصوصه.
 وتمثل هذه القرارات الاربعة المرتكز الاساسي للاصلاحات العقارية والزراعية وعقدت الامال بسببها على احراز احسن النتائج في الحقل الاقتصادي الذي تمثل العقارات احد اركانه الهامة. كان نتيجة تطبيق اعمال المساحة والسجل العقاري ان ظهرت العقارات بصورة واضحة ودقيقة ان لجهة المساحة او الملكية او الحقوق الواردة عليها واصبحت هذه العقارات بعيدة عن الخلافات والمنازعات وساعد ذلك على انماء الحركة العقارية والعمرانية وعمليات التسليف القصيرة او الطويلة الامد وتامنت الضمانات لكل الاطراف.
وبعد تطبيق هذه القرارات تم اصدار تعديلات لها بالقرارات 44،45،46 تاريخ 20/4/1932 لسد الثغرات واكمال المطلوب حيث اصبح النظام اكثر حداثة وشمولية ودون ان تطال هذه التعديلات المبادىء الاساسية المقررة اساسا. تولد عن نظام السجل العقاري حقوق ومبادىء تبناها قانون الملكية بالقرار 3339 تاريخ 12/11/1930 لرعايتها وتنظيمها.
يتالف السجل العقاري من مجموعة الوثائق التي يمكن من خلالها معرفة وضع العقار المادي والقانوني ويبدأ مفعوله منذ اختتام اعمال التحديد والتحرير وايداع محاضر العقارات امانة السجل العقاري.
وعناصر السجل العقاري تنقسم الى قسمين:
     1- دفتر الملكية ويرتب بحسب تسلسل العقارات الواردة فيه ويتالف من مجموعة الصحائف العقارية العائدة لعقارات المنطقة وتدون فيه العقود والاتفاقات والحقوق وعلانيتها.
    2- الوثائق التكميلية: كالسجل اليومي وخريطة المساحة ومحاضر التحديد والتحرير والخرائط والوثائق.
المعلومات وقيود السجل العقاري قوة ثبوتية تجاه الغير ولا يؤثر مبدا العلنية بشيء على الحقوق المدونة في السجل اليومي والتي لم ترد بعد للامانة ولم تدون في دفتر الملكية.
ويمسك السجل العقاري بعناية فائقة وبصورة امينة ودقيقة ويعتبر امين السجل العقاري مسؤولا عن الاضرار الحاصلة ويتوجب عليه تعويضها وتكفل الدولة اعمال موظفيها.
اصبح السجل العقاري مفتوحا لاطلاع الجمهور ويحق لكل شخص بعد دفع الرسم القانوني الحصول على المعلومات المدونة او الاطلاع على الصحائف بحضور امين السجل العقاري او احد موظفيه وهذا ما يعرف بمبدأ العلنية.
وبذلك تم ارساء مبادىء الاصلاح الاساسية وتم تثبيت الملكية وصحة القيود والحقوق واصبح للدولة والافراد وسائل كاملة وامينة لتداول العقارات والاموال وحسن استعمالها لتامين حسن سير العجلة الاقتصادية التي لا غنى للدول الحديثة عنها.
وسنة 1998 بدات الدولة بتحديث ومكننة نظام السجل العقاري حيث تم تجديد واستبدال الصحائف العقارية تمهيدا لوضع نظام معلوماتي متكامل للاعمال العقارية وتم تحويل الصحائف العقارية الورقية الى صحائف رقمية ممكننة اختصارا للوقت وتسهيلا لاعمال التسجيل واصدار السندات والشهادات والافادات.
لقد اعتمد المشروع نظاما معلوماتيا وقواعد بيانات حديثة تم تركيبها في كافة امانات السجل العقاري الموجودة على الاراضي اللبنانية وبدا التنفيذ في امانة بيروت في ايار 2001 وتم الانتهاء في امانة زحلة في ايلول سنة 2004. ولا يزال العمل جاريا على تطوير وتحديث النظام وتدريب العاملين والموظفين عليه بواسطة الادارة ودائرة المعلوماتية والمعهد المالي التابع لوزارة المالية.
والادارة تضع اهدافا اخرى لتطوير المكننة سيجري العمل عليها مستقبلا.